التحليل المُعدّل والعميق:

المقدمة: التشكيك في الفرضية الأساسية

قبل أن نغوص في أسباب “قوة إيران”، من المنطقي أن نبدأ بسؤال تأسيسي ونقدي: هل إيران فعلاً قوية؟

الإجابة ليست ثنائية (نعم أو لا)، بل هي أكثر تعقيدًا: إيران قوية وضعيفة في آن واحد. إنها حالة من “القوة الهشة” أو “القوة ذات القواعد الهشّة”. فهي تمتلك قوة إقليمية مؤثرة لا يمكن إنكارها، لكن هذه القوة مبنية على أساس داخلي هش يعاني من أزمات بنيوية عميقة. لفهم هذه المفارقة، يجب فصل أوجه قوتها عن مواطن ضعفها.

الجزء الأول: تشريح “القوة” – مصادر النفوذ الإقليمي غير التقليدي

قوة إيران ليست في نموذج القوة الوطنية الشاملة الكلاسيكية، بل هي قوة “ذكية” ولامركزية تركز على نقاط تأثير محددة:

  1. القوة عبر الوكالة (The Proxy Power): هذا هو العمود الفقري للنفوذ الإيراني. Instead of الاعتماد الكلي على جيشها التقليدي، بنت طهران شبكة معقدة من الحلفاء والميليشيات عبر “القوس الشيعي”. هذه الاستراتيجية تمنحها:

    • إنكار plausible:

    • تأثير رخيص التكلفة:

    • القدرة على إملاء الأجندة:

    • أمثلة:

  2. قوة الردع الصاروخي (The Missile Deterrent): تمتلك إيران أكبر ترسانة صواريخ باليستية في المنطقة، وهي مصممة محليًا لتجاوز عقبة الحظر على الاستيراد. هذه الترسانة ليست لهزيمة أعدائها في حرب شاملة، ولكن لردعهم عن ضربها. المعادلة بسيطة: أي هجوم على إيران سيكون ثمنه باهظًا للغاية لأي خصم، مما يضمن بقاء النظام.

  3. القوة الجيوبوليتيكية (The Geopolitical Weight): إيران ليست قطرًا صغيرًا. إنها دولة كبرى بمعايير المنطقة:

    • الموقع:

    • الحجم والسكان:

    • الموارد:

  4. قوة الإرادة والعقيدة (The Willpower and Ideology): في صراع الإرادات، يمتلك النظام الإيراني إرادة حديدية واستعدادًا لتحمل العقوبات والمعاناة لتحقيق أهدافه الاستراتيجية طويلة المدى. هذه “القوة الناعمة” للإيديولوجيا الثورية تمنحه مرونة وحصانة نفسية غالبًا ما تفوق تلك التي لدى خصومه الأكثر تقدمًا من الناحية التقنية ولكن الأقل صبرًا وإصرارًا.

الجزء الثاني: تشريح “الضعف” – الهشاشة الداخلية والقيود الهيكلية

وراء واجهة القوة الإقليمية، تكمن أزمات عميقة تهدد الاستقرار الداخلي على المدى الطويل:

  1. الضعف الاقتصادي الهيكلي (Structural Economic Weakness): الاقتصاد الإيراني هو نقطة الضعف الأكبر. العقوبات الدولية، إلى جانب سوء الإدارة والفساد، خنقت الاقتصاد وأدت إلى:

    • تضخم مفرط:

    • بطالة مرتفعة:

    • انهيار العملة:

    • التبعية:

  2. الشرعية والاستقرار الداخلي (Domestic Legitimacy and Stability): هناك انفصال صارخ بين الدولة ومجتمعها:

    • الاحتجاجات الدورية:

    • الفجوة الاجتماعية:

    • القمع:

  3. القوة العسكرية التقليدية المحدودة (Limited Conventional Military Power): على الرغم من حجمها، فإن القوات المسلحة الإيرانية التقليدية (الجيش النظامي) تعاني من نقص حاد في التحديث التكنولوجي مقارنة بجيران مثل إسرائيل أو القوى العالمية. تركيزها على الصواريخ والميليشيات يعكس عدم قدرتها على التنافس في حرب تقليدية مفتوحة.

الخلاصة: لماذا تبدو إيران قوية إذن؟

إيران قوية بشكل كافٍ لتكون لاعبًا إقليميًا لا يمكن تجاوزه أو استبعاده. لقد أتقنت فن “الردع غير المتماثل” و“إدارة الفوضى”، مما يمكنها من تعطيل مصالح أعدائها بفعالية كبيرة وبتكلفة نسبية منخفضة.

لكنها في الوقت نفسه ضعيفة بشكل كافٍ بحيث لا يمكنها تحقيق انتصارات حاسمة أو بناء هيمنة إقليمية مستقرة. قوتها الخارجية هي في جزء كبير منها محاولة لتعويض هشاشتها الداخلية وإدارة التهديدات التي تواجه نظام الحكم.

Therefore, Iran’s power is not absolute but is a highly specialized form of influence designed to ensure the regime’s survival and maximize its leverage in a hostile environment, all while navigating profound internal vulnerabilities.

من geekadmin